تصفية الشركات هي عمليَّة قانونيَّة تتم عندما تُقرِّر شركة أو تُجبر على إنهاء أعمالها، إذ أن هذه العملية تمس الكيان القانوني الذي هو عنصر الارتكاز الاقتصادي لتطوُّر المجتمعات، وإن استمرار الشخصيَّة الاعتباريَّة للشركة ترتبط بوجود الأسباب القانونيَّة لاستمرارها وعند حدوث أي سبب قانوني لانقضاء الشركة سواء بانتهاء المُدَّة المُحدَّدة أو اتفاق الشركاء أو المساهمين على حلِّها أو صدور حكم قضائي بحلها، فيتم اللجوء لتصفية الشركة مع مراعاة حقوق المساهمين أو أصحاب الحصص، وفحص الموقف المالي للشركة وسداد الديون ومدى مسئوليَّة الشركاء أو المساهمين، وتم وضع ضوابط التصفية وكيف يتم إجراء التصفية بموجب المرسوم الملكي رقم (م/ 132) بتاريخ 1-12-1443 ه، وهو ما سوف نتناوله فيما يلي:
ما المقصود بتصفية الشركة؟
تصفية الشركة تعني حل الشركة وإنهاء وجودها القانوني من خلال تسوية التزاماتها الماليَّة. هذه العمليَّة تشمل دفع الديون للدائنين وتوزيع الأصول المُتبقيَّة على المُساهمين أو الشركاء.
أسباب تصفية الشركات
تتنوع أسباب تصفية الشركات بين الأسباب العامَّة، مثل انقضاء المدة المحددة، والأسباب الخاصة، التي قد تنشأ من ظروف استثنائية مُحدَّدة بالنظام.
أسباب انقضاء الشخصيَّة الاعتباريَّة للشركة
تنْقضي الشخصيَّة الاعتباريَّة للشركة إما بانتهاء المُدَّة المُحدَّدة للشركة إذا كانت مُحدَّدة المُدَّة ولم يتم مَدّ المُدَّة للشركة، أو تنقضي باتفاق الشركاء أو المساهمين على حلِّها، أو بصدور حكم قضائي نهائي بحلِّها أو بطلانها، وذلك مع مراعاة الأسباب الخاصة بانقضاء الشخصيَّة الاعتباريَّة لكل شكل قانوني للشركة.
التزامات الشركاء أو المساهمين عند حلِّ الشركة أو انقضائها
- يلتزم مديري الشركة أو أعضاء مجلس الإدارة قبل اتخاذ القرار بحلِّ الشركة، بالقيام بإعداد بيان بفحص أوضاع الشركة والموقف المالي للشركة، وهل أصول الشركة تكفي لسداد ديونها بنهاية مُدَّة التصفية المُحدَّدة وعدم تعثُّر الشركة وفقًا لنظام الإفلاس، ويتم عرض تلك البيانات خلال 30 يومًا من تاريخ إعداده على الشركاء أو الجمعيَّة العامة أو المساهمين لاتخاذ القرار بحلِّ الشركة.
- وإذا تبيَّن أن أصول الشركة لا تكفي لسداد ديونها بنهاية مُدَّة التصفية أو أن الشركة مُتعثرة وفقًا لنظام الإفلاس، فلا يجوز للشركاء أو الجمعيَّة العامَّة أو المساهمين اتخاذ القرار بحلِّ الشركة، وإلا كانوا مسئولين بالتضامن عن أي دين يظل في ذمتها.
الشروط المطلوبة لتصفية الشركات في النظام السعودي
أقرَّت المادة 244 من نظام الشركات السعودي، على أنه:
- يتم تصفية الشركة إذا انقضت مُدَّة الشركة بحكم النظام السعودي، وعلى الشركاء أو المساهمين اتخاذ إجراءات التصفية، على أن تحتفظ الشركة بالشخصيَّة الاعتباريَّة بالقدر اللازم للتصفية.
- وفي حال انقضاء الشخصيَّة الاعتباريَّة للشركة سواء بانتهاء المُدَّة أو اتفاق الشركاء أو المساهمين أو صدور حكم قضائي بحلِّها، فيلتزم الشركاء أو المساهمين أو مديري الشركة أو مجلس الإدارة بإعداد البيان الموضَّح لموقف الشركة المالي والملاءة الماليَّة لسداد ديونها، ما لم يكن مُعدًا من قبل ولم تتجاوز المُدَّة من تاريخ إعداده 30 يوم.
- عند انقضاء الشركة وكانت أصولها لا تكفي لسداد الديون أو مُتعثِّرة في سداد ديونها وفقًا لنظام الإفلاس، فيجب عليها اللجوء للقضاء لطلب البدء في إجراءات التصفية وفقًا لنظام الإفلاس.
- إذا تم تصفية الشركة بالمخالفة لأحكام النظام السعودي، فيكون الشركاء أو المساهمين أو مديري الشركة أو مجلس الإدارة مسئولين بالتضامن عن أي دين يظل في ذمة الشركة.
- لا يجوز تصفية الشركة غير الربحيَّة العامة إلا بعد الحصول على موافقة وزارة التجارة السعودية.
إجراء التصفية، وإدارة الشركة خلال مُدَّة التصفية
أقرَّت المادة 245 من نظام الشركات السعودي على أنه:
- ما لم ينص النظام الأساسي للشركة أو عقد التأسيس للشركة، أو لم يتفق الشركاء أو المساهمين بحسب الأحوال، على كيفية تصفية الشركة عند انقضائها، فيتم التصفية وفقًا لما هو وارد بالنظام السعودي.
إدارة الشركة خلال مُدَّة التصفية
أوضحت المادة 246 من نظام الشركات على كيفيَّة إدارة الشركة أثناء التصفية إذ أقرَّت المادة على أنه:
- عند انقضاء الشركة تزول سلطة مدير الشركة أو مجلس الإدارة مع احتفاظهم بحق الإدارة للشركة، ويُعدّ في حكم المصفي في مواجهة الغير لحين تعيين مصفي.
- تظل جمعيات الشركة قائمة خلال مدة التصفية، ويقتصر دورها على ممارسة اختصاصاتها وذلك بما لا يتعارض مع اختصاصات المصفي.
- يتمتع الشريك أو المساهم خلال مدة التصفية بالحق في الاطلاع على وثائق ومستندات الشركة وفقًا لما هو وارد في النظام السعودي أو عقد تأسيس الشركة أو النظام الأساسي.
تعيين المُصفِّي للشركة وعزله، ومُدَّة التصفية
عدد المُصفين للشركة ومُدَّة التصفية
- طبقًا للمادة 247 من نظام الشركات السعودي يقوم بالتصفية مُصفٍ واحد أو أكثر من الشركاء أو المساهمين أو من غيرهم، ويجب ألا تتجاوز مُدَّة التصفية 3 سنوات وفقًا لأحكام النظام السعودي، ولا يجوز مَد المُدَّة إلا بأمر من الجهة القضائيَّة المُختصَّة.
قرار تعيين المُصَفِّي
- يتم تعيين المُصفِّي بموجب قرار من الشركاء أو الجمعيَّة العامة أو المساهمين وفقًا للمُقَرَّر عند تعديل عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركة حسب الأحوال، خلال مدة لا تتجاوز 60 يومًا من تاريخ انقضاء الشركة، وعند تعذر تعيين المُصَفِّي خلال تلك المُدَّة، فيتم تعيينه بموجب قرار من الجهة القضائيَّة المُختصَّة بناءً على طلب يُقدِّمه أحد الشركاء أو المساهمين أو صاحب المصلحة.
- واستثناءً من ذلك، إذا كان انقضاء الشركة نتيجة لحلِّ الشركة أو بطلانها بحكم قضائي نهائي، فيتم تعيين المُصفِّي بقرار من الجهة القضائيَّة الصادر منها ذلك الحكم.
- تطلب الجهة القضائيَّة المُختصَّة قبل صدور القرار بتعيين المُصفِّي من الشركاء أو المساهمين أو مديري الشركة أو مجلس الإدارة القيام بإعداد البيان الموضِّح لموقف الشركة المالي والملاءة المالية لسداد ديونها وما يلزم من بيانات وسجلات محاسبيَّة، أو القوائم الماليَّة إن وجدت، وتثبت أن أصول الشركة تكفي لسداد ديونها وأنها غير مُتعثرة وفقًا لنظام الإفلاس خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ الطلب، وإذا رأت الجهة القضائيَّة المختصَّة أن أصول الشركة لا تكفي لسداد ديونها وأنها مُتعثِّرة وفقًا لنظام الإفلاس، فللجهة المختصَّة اتخاذ ما يلزم لبدء إجراءات التصفية وفقًأ لنظام الإفلاس .
- يجب أن يشتمل قرار تعيين المُصفِّي على تحديد سُلطاته وأتعابه، والقيود المفروضة عليه إن وجدت، والمُدَّة اللازمة للتصفية.
وهذا بناءً على ما جاء بنص المادة 248 من نظام الشركات السعودي.
قَيْد قرار تعيين المصفي وشَهْره
- على المُصفِّي قَيْد وشَهْر قرار تعيينه لدى السجل التجاري، ولا يُعتد بتعيينه أو إجراءات التصفية في مواجهة الغير إلا من تاريخ القيد والشَّهْر.
عزل المُصفِّي طبقًا للمادة 250 من نظام الشركات
- يتم عزل المُصفِّي بالطريقة التي عُين بها، وفي جميع الأحوال يجوز للجهة القضائيَّة المختصَّة بناءً على طلب أي من الشركاء أو المساهمين أو دائني الشركة لأسباب مقبولة أن تقضي بعزله.
- ويجب أن يشمل القرار أو الحكم الصادر بعزل المُصفِّي تعيين من يحل محله وتحديد سلطاته وأتعابه.
تعدُّد المُصفِّين
- في حال تعدُّد المصفين، يجب عليهم العمل مُجتمعين ولا تكون تصرفاتهم صحيحة إلا بإجماعهم، ما لم ينص قرار تعيينهم أو تُصرِّح لهم الجهة التي عيَّنتهم بغير ذلك.
صلاحيات المصفِّي
- يلتزم المُصفِّي بمُراعاة القيود الواردة بقرار تعيين المُصفِّي، ويُمثل المصفِّي الشركة أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، ويقوم المُصفي بجميع الأعمال التي تقتضيها أعمال التصفية، وخاصةً تحويل أصول الشركة إلي نقود، بما في ذلك بيع المنقولات أو العقارات بالمزاد أو بأي طريقة أخرى تكْفل الحصول على أفضل سعر ممكن.
- يجوز للمصفِّي بيع أصول الشركة بالجملة، أو أن يُقدِّمها كحصة في شركة أخرى، بتصريح من الجهة التي عيَّنته، ولا يجوز للمصفِّي البدء في أعمال جديدة إلا إذا كانت لازمة لإتمام أعمال سابقة.
- تلتزم الشركة بأعمال المصفِّي الداخلة في نطاق سلطاته.
- تنتهي صلاحيات المصفِّي بانتهاء أعمال التصفية، أو مُدَّة التصفية، ما لم يتم مَدّ المدَّة وفقًا لأحكام النظام السعودي.
جرد الأصول والالتزامات وسداد ديون الشركة
- يلتزم مديري الشركة أو أعضاء مجلس الإدارة أن يُقدِّموا للمصفِّي عند تعيينه سجلات الشركة ووثائقها والإيضاحات والبيانات التي يطلبها.
- يقوم المصفِّي خلال 90 يومًا من مزاولته لمهامه بجرد لأصول الشركة وما لها من حقوق وما عليها من التزامات، وأن يطلب من مراجع حسابات الشركة إصدار تقرير بالجرد، ويجوز للجهة التي عيَّنت المصفِّي مَدّ تلك المُدَّة إذا اقتضت ذلك.
- في نهاية كل سنة مالية يقوم المُصفِّي بإعداد القوائم المالية وتقرير عن أعمال التصفية، وبيانًا بالملاحظات والتحفُّظات على أعمال التصفية وأسباب التأخير إن وجدت، واقتراحاته لمد مدَّة التصفية، وأن يُقدَّم للسجل التجاري نسخة من هذه الوثائق وعرضها على الشركاء أو الجمعيَّة العامة أو المساهمين للموافقة عليها وفقًا لأحكام عقد تأسيس الشركة أو النظام الأساسي.
- إذا تبيَّن للمصفِّي عدم كفاية أصول الشركة لسداد ديونها، فيتعيَّن عليه إخطار الشركاء أو المساهمين ودائني الشركة، والتقدَّم للجهة القضائيَّة المختصَّة بطلب للبدء في إجراءات التصفية وفقًا لنظام الإفلاس.
- على المصفِّي سداد ديون الشركة وفقًا لأولويَّة السداد، وتجنيب المبالغ اللازم سدادها إذا كانت آجله أو مُتنازع عليها، وتكون الديون الناتجة عن التصفية حق الأولويَّة عن الديون الأخرى.
- يلتزم المصفِّي بعد سداد الديون رد قيمة الحصص أو الأسهم في رأس المال للشركاء أو المساهمين، وتوزيع الفائض عليهم وفقًا لأحكام عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركة، وإذا لم يتضمن عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركة حكمًا بتوزيع الفائض عن رأس المال عند التصفية، فيتم توزيعه بنسبة حصصهم أو أسهمهم في رأس المال للشركة.
- إذا لم يكفي صافي الأصول للشركة للوفاء بقيمة حصص الشركاء أو أسهم المساهمين، فيتم توزيع الخسارة بينهم حسب النسبة المقررة في توزيع الخسائر.
- عند تصفية الشركة غير الربحيَّة، يؤول ناتج التصفية للأشخاص أو الكيانات غير الربحيَّة المحدَّدة في عقد تأسيس الشركة أو النظام الأساسي، وإذا كان صافي الأصول للشركة ناتجًا عن هبة أو وصية أو وقف، فيؤول للأشخاص أو الكيانات غير الربحيَّة التي حدَّدها الواهب أو الموصي أو الواقف، وإذا لم يُحدِّد النظام الأساسي أو عقد التأسيس ذلك، فتؤول الأموال بعد الحصول على موافقة الوزارة للأشخاص أو الكيانات غير الربحيَّة التي تهدُّف لتحقيق مصارف ومجالات مماثلة أو مشابهة للمصارف والمجالات المحددة لتلك الأموال، على أن تلتزم بإنفاق تلك الأموال في المجالات والمصارف المُحدَّدة لها .
النتائج المترتبة على انتهاء التصفية
- يلتزم المُصفِّي بتقديم تقرير مالي تفصيلي عمَّا قام به من أعمالٍ، وتنتهي التصفية بموافقة الجهة التي عيَّنت المُصفِّي على هذا التقرير.
- يلتزم المُصفِّي بقيد وشهر انتهاء التصفية بالسجل التجاري، ولا يُعتد بانتهاء مدَّة التصفية في مواجهة الغير إلا بتاريخ شطب قيد الشركة بالسجل التجاري.
- يُسأل المصفِّي عن تعويض الضرر الذي يُصيب الشركة أو الشركاء أو المساهمين أو الغير عند تجاوزه حدود سلطاته أو نتيجة الأخطاء التي يرتكبها أثناء أداء مهامه.
- تكون المسئوليَّة إمَّا شخصيَّة تُلحق بالمصفِّي ذاته أو مشتركة على جميع المصفِّين حال تعدُّدهم وكان القرار صادرًا بالإجماع.
- فيما عدا حالتي التزوير والاحتيال، لا تُسمع الدعوي ضد المصفِّي بعد مرور خمس سنوات من تاريخ شطب قيد الشركة لدي السجل التجاري.
ختامًا،
تظلُّ تصفية الشركات من الإجراءات الدقيقة التي تتطلَّب فهمًا عميقًا لأحكام النظام السعودي، وإلمامًا كاملًا بالمُتطلِّبات القانونيَّة والتنظيميَّة التي تحكم كل مرحلة من مراحل التصفية، سواء كانت اختياريَّة أو إجبارية. إن التعامل مع هذه المسائل دون خبرة قانونيَّة قد يُعرِّض الشركة ومُمثِّليها لمخاطر ماليَّة أو نظامية، ممَّا يجعل الاستعانة بجهة قانونيَّة مُتخصِّصة أمرًا بالغ الأهمية.
وفي هذا الإطار، يُقدِّم مكتب مدار الاستقامة للمحاماة والاستشارات القانونية دعمًا متكاملًا في جميع إجراءات تصفية الشركات، بدءًا من تقديم الاستشارات النظاميَّة، مرورًا بإعداد المستندات وتعيين المصفي، ووصولًا إلى متابعة المُتطلِّبات أمام الجهات المُختصَّة حتى إغلاق السجل التجاري بشكل نظامي وسليم.
ويسعد المكتب باستقبال أي استفسار أو طلب خدمة ذات صلة، وتقديم الدعم القانوني اللازم لضمان سير الإجراءات وفق أحكام النظام وبأعلى درجات الاحترافية.
للتواصل والاستفسار:
مكتب مدار الاستقامة للمحاماة – نُخبة من المستشارين المُتخصِّصين في أنظمة العمل والحقوق العُمَّاليَّة داخل المملكة.
المملكة العربية السعودية – الخبر – العليا
📞 +966557953334
✉️ info@alestiqamahlaw.sa
🌐 https://alestiqamahlaw.sa
“نلتزم بتقديم حلول قانونية دقيقة وشفافة، من الاستشارة الأولية إلى الترافع وصياغة العقود، لضمان حماية حقوق عملائنا وتعزيز مراكزهم القانونية.”
شارك المقال على منصات التواصل الاجتماعي